كتب ابو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام :
لم يكن في بالنا أن نوجّه كلامنا يوماً في العلن لإخواننا في الجهاد والمقاومة حول موضوع ينبغي أن يكون أحد أبجديات الأدبيات البديهية لرجال فلسطين الشرفاء الذين ينظر إليهم كل أحرار العالم بعين الاحترام والتقدير..
وما أعنيه هنا وبوضوح هو موضوع التبنّي المتسرّع لعمليات الغير. صحيح أن التنافس في ميدان الجهاد هو ظاهرة إيجابية وسعي محمود إلا أن هذا التنافس ينبغي أن ينضبط بأخلاقيات أساسية وروح جهادية تليق بالشرف العظيم الذي يحمله المقاومون الذين تعوّل عليهم كل أمّتهم العربية والإسلامية، وقبل هذه الأخلاقيات الالتزام بوحي السماء الذي ذمّ " الذين يفرحون بما أتوا ويحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا" الآية.
وهنا نقف بكثير من اللوم والعتاب على بعض الحقائق القريبة دون البعيدة، ففي السادس من شهر مارس لهذا العام قامت مجموعة من المجاهدين - نعرفها جيّدا- بتفجير عبوة في سيارة عسكرية صهيونية قرب ما يعرف بـ "كيسوفيم"، وبُعيد العملية وأثناء خروج المجاهدين المنفذين للهجوم من مرمى نيران الاحتلال – ومعهم تصوير العملية- تناهى إلى مسامعنا نية إخواننا المجاهدين في سرايا القدس تبنّي العملية، ربما كان ذلك خطأً في التواصل أو لبساً في التنسيق – والخطأ واللبس من الأمور الواردة- لكننا تواصلنا مع أخوة مقرّبين من السرايا لوقف الإعلان لعلمنا بالجهة المنفّذة والتي ستخرج بالتصوير، إلا أن الأخوة لم يقبلوا هذا التوضيح الأخوي، وأصرّوا على الإعلان، وبالطبع خرج التصوير من الجهة المنفّذة بعد إعلان السرايا مما أحدث تضارباً وبلبلة نحن في غنىً عنها بالتأكيد.
واليوم يتكرر المشهد وفي نفس المنطقة التي حدثت فيها العملية السابقة، فقد جرت الاشتباكات الأولى منذ الساعة الأولى من فجر الأربعاء التاسع من ابريل - شرق بلدة القرارة بخانيونس- مع مجموعة مرابطة من كتائب القسام، وقد أصدرت كتائب القسام البلاغات المتتالية منذ الفجر عن تصدّيها واشتباكها مع هذه القوات واستشهاد أحد المجاهدين المنفّذين للاشتباك وهو المجاهد القنّاص محمد فايز شامية، هذا الاشتباك الذي قتل فيه جندي صهيوني وأصيب عدد آخر -باعتراف الصهاينة- وفوجئنا للأسف من جديد بإعلان من الأخوة في سرايا القدس عن قتل الجندي في حين أن تفاصيل العملية وعبر رواية جيش العدو الصهيوني تقول بأن الجيش أطلق نيران طائراته باتجاه المجموعة المهاجمة للجنود، فقتل أحدهم (هو الشهيد شامية قطعاً).
أردت أن أذكر بهذين النموذجين الأخيرين ليس هضماً لحق أحد أو إنكاراً لجهاد غيرنا بل إننا نفتخر بكل مقاوم يقف معنا جنباً إلى جنب، وهذا يعطينا إضافة للجهد ورصاً للصفّ وصلابةً أمام العدو، بل ذكرت ما سلف لأهمس في آذان إخواني بأن هكذا تسرّع – غير مقصود في ظننا- إنما يسيء للمقاومة الفلسطينية ويقدح في المصداقية ويشتت الجهود ويخلخل الصفّ ولا ينسجم مع شرف الجهاد المقدّس وتضحيات رجاله الأبطال، وهكذا سلبيات نحن أحوج ما نكون إلى تلاشيها وتجنّبها.
ففي أبجديات المقاومة وقاموس المجاهدين؛ المصداقية والدقة مقدّمتان على السّبق الإعلامي، وأذكر هنا ولأول مرة بأن كتائب القسام قد نفّذت عشرات العمليات في الضفة الغربية تبنّتها تنظيمات أخرى، فتارة كتائب كذا مجموعات كذا وفرع كذا وتارة سرايا كذا وكذا، ونحن صامتون لسنوات لم نعلن عنها، ونسمع عبر الإعلام من يتبنّى عملياتنا التي سهر من أجلها مجاهدونا الليالي الطوال وسكنوا الجبال، لم نعلن بالطبع حفاظاً على مجاهدينا فسلامتهم كذلك واستمرار جهادهم وبذلهم هو مقدّم على الإعلان ولا شك، وإذ ا أردتم أمثلة فهاكم: كلنا سمع عن الخلية القسّامية التي اصطُلح عليها في الإعلام الصهيوني بـ "خلية عتصيون" التي أرعبت الاحتلال ودوّخت أجهزته الاستخبارية على مدار عامين كاملين في جنوب الضفة الغربية، و نفذت العديد العديد من العمليات النوعية والتي قُتل فيها جنود ومغتصبون صهاينة، ولم نكن في كتائب القسام قد أعلنا عن أي من هذه العمليات، و قدر الله غالب إذ حدث و أن اعتقل العدو بعض أفراد الخلية، وإذا بالحقائق تظهر من داخل السجون، ويُحكم مجاهدونا بآلاف السنين بسبب تبنّيهم لهذا الشرف العظيم، ونراجع في أرشيف عملياتهم البطولية فنجد في كل منها عنوان يقول
" كتائب الأقصى مجموعات كذا تتبنى عملية كذا وتقول بأنها رد على اغتيال فلان والتفاصيل كذا وكذا، وسرايا كذا تتبنى ... وهكذا دواليك)، لا بل إن البيانات التي تتبنى عملياتنا تهاجمنا نحن وتتهمنا بترك ميدان المقاومة، عجباً والله !!
وعود على بدأ فإن المقام لا يسمح بذكر كل الأمثلة والتفاصيل، فهمستنا نكررها إلى كل المقاومين والمجاهدين أن من حمل روحه من أجل الله ثم وطنه هان عليه كلام البشر ومديحهم، وآن لكل الذين يخوضون بحر الجهاد والمقاومة أن لا يجدّفوا عكس التيار وأن يحسنوا استخدام الإعلام المقاوم في خدمة جهاد وتضحيات شعبنا، وأن لا يجعلوا هذا الإعلام معول هدم وأداة سائبة، والله من وراء القصد.